شارلي بالدارجة - Charlie b'Darija‏

الأحد، 10 يوليو 2016

اشناهي الفلسفة

بقلم: امريزيق محمد
بزاف ديال الناس تيسمعوا " فلسفة" تايجيهم لبالهم راه غَا هضرة خاوية، و لا عياقَة ، ولا هضرَة مامفهوماش ( تتسمع بنادم تيقولك هاهُوَ بدا يتفلسف عاوتانِي ..)، و كاين بنادم اللي غا تيسمع الفلسفة تيتفكر الإلحاد و الكفر .. لكن الفلسفة ماعدها تا علاقة بهاد الكلاَم .. أجيو نشوفُو أشناهيَ الفلسفَة ..

الفلسفَة فالأصل اللّغَوي ديالها جايّا من الأصل اليوناني فِيلُوصُوفيَا، إلى قسمنَا الكلمَة على جوج تنلقاو فيها "فيلُوس" اللي تتعنِي حب و "صُوفْيا" اللي تتعني " الحكمَة" إذن الفيلَسوف هو الإنسان لّي تيمُوووت فالحكمَة، تيٌقولو فيتاغورس هو اللي اختَارع لينا هاد الكلمَة، و لكن هاد السّاط كان معروف عليه التكبر و كان حاس برَاسو ( السّاط كان أسطورة لدرجة شي ناس داروه فمرتبة مابين الألهَة و الناس، نزيدك السيد كانوا تيقولو عندو فخضْ ديال الدهب ) ، داكشي باش إمكن سقراط هو اللي ابتكر هاد فيلوصوفيا هدي ..فواحد المحَاورة من المحاورات ديال أفلاطون، سميتها محَاورة فِيدْروس، تنلقاوه تيقول " لا يمكنني أن أسميهم حكماء، لأن هذا الإسم اسم عظيم يخص الله فقط، إن لقبهم الملائم و المعتدل هو محبو الحكمة أو فلاسفة" .

المشكل هو انّ هاد التعريف اللغوي ماتيعاونّاش نعرفوا أشناهي الفلسفة، حيت تيولّي خاصنا نعرّفو الحكمَة عاود، و المشكل تيزيد إتزعلك إلى عرفنا أن الفلاسفة المسلمين كانوا تيستعملُو الفلسفة و الحكمة بنفس المعنى " تنلقاو ابن رشد مثلا تيقول " الحكمة هي صاحبة الشريعة و أختها الرضيعَة" و هو تيقصد بالحكمة الفلسفة طبعًا، لكن اللّي تنستافدوه من هاد التعريف اللغوي هو أن الفلسفة ماشي امتلاك المعرفة و إنما هي ان الإنسان إكون تيقلب على المعرفة ( سقراط كان ديما متواضع مع بنادم و مستاعد إناقش جميع المواقف ديَالُو ماعمرو قال أنا غادي نعطيكوم المعرفة حيت انا عندي الحقيقة المطلقة... ) الفلسفة كيما تيقول لينا، سليم دُولَة في الكتاب ديالو، ما الفلسفة، هي " أن يكون الإنسان بسبيله إلى المعرفة". اذن الأصل اللغوِي ما نفعنَاش بزاف، فهمنَا أن الفلسفَة هي حب الحكمة لكن مازال الصورة ماواضحاش مزيان، داكشي باش السؤال تيبقَى مطروح "أشنَاهي الفلسفَة؟"

مللّي تاتنبش شويَة فالكتوب و الموسوعَات الفلسفيَة تتلاحظ أن التعريفات كثيرة و متنْوعَة، و تقدَر تلقَى شي تيضرب فشيِ، داكشي باش البحث على شِي تعريف كامل مكمول تيتعكْل و بنادم تيبقى حاصل، من بين التعريفات اللي لقيتهَا وانَا تنتجلوق فالكتوب ( الله يبلينا ويبليكوم بالكتوب ) هاد التعريفات هادي : " الفلسفَة هي تفكير في التفكير " -الطلامس ! - ، تعريف آخور ديال شيشْرُون تيقول فيه " الفلسفة هي فن الحياة"، السّي أرسطو تيقولينَا أن الفلسفَة هي " المعرفة العقلية و العلم بالمَعنى الأعم" من بعد تنلقاو التعريف المشهور ديال مول الكُوجيطو " ديكارت" اللي تيقولينا " الفلسفة كلها بمثابة شجرة جذورها الميتافيزيقا وجذعها الفزياء و غصونا المتفرعة من هذا الجذع هي كل العلوم الأخرى" لكن هادي الصورَة ديال الفلسفة فالزمن القديم أما دابا العلوم كبرات و تزوجات و كلّ فين دارْ دارُو و بقات الوليدَة بوحدها، مرّة مرة تطل عليهم و صاف .. تنلقاو عاود اللّي تيقول أن الفلسفة " ضرب من التأمل المنظم المرتبط بالتجربة الذاتية للفرد" جاو واحد الجوج قالو ليه أودّي راه " الفلسفة ليسَت تأملاً و لا تفكيرًا و لا تواصُلا بل هي إبداعُ المفاهيم "- غاثاري و دولوز - ...

رويــــنَة هادِي، كل فيلسوف تيعطينَا تعريف مختلف على التعاريف الأخرَى، علاش هادشي كامل ؟ حيت كل فيلسوف عندو مرجعية فكرية، تَصوّر اللي من خلالُو تيحْكم على الأمُور ..ناخدو أفلاطون مثلا، التعريف اللي تيعطينا هو " الفلسفة هي معرفَة المثل أو الكليات الخالدَة الكامنة وراء الأشياء". أفلاطون تيميّز مابين جوج ديَال العوالم "عالم المثُل" و "عالم الكائنات و الأشياء" العالم الّلول عالم علوي، مثَالي و أزلي ( زعما كان موجود ديما، ماتخلقش ) و الثّاني عالم سفلي، مادّي و غادي يتفنّى شي نهار .. كل حاجَة فالعالم ديالنا المحسوس عندو واحد الصورة مثالية فْ عالم المثًل، مثلا الأحصنة كتيرة و متنوعَة فهاد العالم ديَالنا و لكن هاد التنوع هادا كامل جاي من صورة وحدة مثَألية و مطلقَة فعالم المثل هي صورة الحصان ( حصان كامل مكمول )، إذن أفلاطون فاش تيقولينا أن الفلسفة هي معرفة المُثل راه ببساطة حيث الفلسفة ديالو مبنية على هاد المُثل هادُو . بالتالي فكل تعريف تيتعطَا للفلسفة راه غادي إعكس لينا الفلسفَة ديال مولاَه...

مثال آخر باش نوضحو الفكرة مزيان، التعرِيف ديَال ابن رشدْ، تيقول " فعل التفلسف ليسَ شيئًا أكثَر من النّظر في الموجُودات و اعتبَارها من جهَة دلالتهَا على الصّانع"، الفلسفة عند صاحبنا هي تخدّم عقلك باش تستادل على أن الله كاين و الكون خاصّو خالق، علاش ابن ارشد عطانا هاد التعريف؟ حيتْ من أكبر الأمور اللّي كان هاد الساط هاز ليها الهم هي يبيّن أن الفلسفة (الحكمَة) مامتعَارضاش مع الدين (الشّريعة) .. إذن مرة اخرى تنشوفو أن كل تعريف ديال الفلسفة تيعكس لينَأ الفلسفَة ديال الساط اللي تيعطِي التعريف .. حيث الفلسفة تا هي خاضعة للزمن و المكان، هي ماشي شي حاجة فوق التاريخ متَتغيرش، و الفلاسفَة تاهومَا بحالهم بحال غيرهم تيتأترُو بالمجتمع، داكشي باش خاصنا نساو ديك الفكرَة اللي تتعزل الفلاسفة على الظروف ديالهم و الزمَان فاش كانو عايشين، حيت كل تعريف تنقراوه خاصنا نحطوه فالمذهب ديالو و المذهب خاصنا نحطوه فالسياق التاريخي فاش بان. إلى بقينَا تنقلبُو على جواب ديال " أشناهيَ الفلسَفة " بألِف ولام التعريف ، تنقلبو على تعريف كامل مكمول إجمع الفسلفة كاملة، غادي نطيحو فالإيمان بالرأي الواحد و الوثوقية اللي سبق لينا قلنا أنها ماشي من طبيعة الفلسفَة.

و ماغاديش نتخلصو من هاد المشكل، كيمّا تيقُول لينا سَليم دُولَة فالكتَاب اللي دكرناه قبل، إلا إلى حيدنا دِيك الالف واللام باش مانبقاوش نقلبو على شي تعريف ماكاين تعريف تيجمع الفكر الفلسفي كامل، حيت كل تعريف هو تعريف نسبي مرتبط بفلسفة ديال واحد الفيلسوف بكرّو ..
هادشي علاش حسن بنادم إخلي التعريف ديال الفلسفَة تال الأخير، ماشي كمقدمة باش إدخل عالم الفلسفة و لاّ شرط باش إتفلسف ( التفلسيف ديال بصح)، باش توضاح لينا الصورة مزيان أجي نضربو شي طلة على العالم ديال الفن، حيت المشكل ديال التعريف نفسو مطروح فهاد الميدان كيما مطروح فالفلسفَة، تتلقى الناس تيسلو : واش الرسم ديال البراهيش فن ولا ماشي فن؟ فين كاين الفن فداك العجب اللي تيسميوه الفن التشكيلي و لا التجريدي و لا التكعيبي ؟ واش طواليط أعباد الله تتحط فمتحف تتولّي تحفة فنية تتجيب اللعاقة دبصح و هاديك عدنا فالدار باقة غا طواليط ؟ بزاف ديال الأسئلة تتعكس لينا الصعوبة ديال الحواب على السؤال " أشناهو الفن؟" و لكن واش هاد الصعوبة هادي تتمنعنا نحسوّ بالفن و نتذوقوا الجمال ( على طريقتناَ).

أكيد أن الجواب هو "لاَ"، و أكيد أن الإنسان كلما قرا على دوك المدارس الفنية و تعرف عليها كلما غادي يزيد يفهم كتر الجانب الإبداعي فشي منتجات فنية تيبانو لينا غا تيخورُو فيها...
كيما غادي إتحسن الحكم ديالك على الإنتاجات الفنية إلى تعرفتي على المدارس الفنية و اهتميتي بِها اكتر، فأحسن طريقة باش دخل عالَم الفلسفَة هي أنك تفاعل مع القضايَا اللي تتهتم بهم و التعرف على المذاهب الفلسفية و المواقف ديالهم من هاد القضايا، و هاد الهضرة ماتتْعنيش أننَا مازال خارج " عالم الفلسفة" حيت راه دخلنا ملّي سولنا أشناهيَ الفلسفة؟ و حتى الأسئلة دقبيلَة على الفن و المَعايير ديالو و الحُدود الفاصلة بين الفن و اللافن كلها أسئلَة فلسفِية، و أكيد كلنا طرحنا هاد الأسئلة من قبل و فكرنا فيها، و مادام كل إنسان قادر أنه إتسائل على الحياة، و يفكر فالأصل ديالها، و فالمصِير ديال بنادم، و فالخير و الشّر، و تيحاول إلقى الأجوبة اللي غادي تقنعوا، نقدرو نقولُو أن كل إنسان، و مادام عندُو نظرة للحيَاة، هو فيلسوف. فالفلسفَة " هي الساعة التي يتحير فيهَا العَقل و يرتدّ إلى نفسه" كيما تيقولينا الجد أرسطو .. هادشي علاش تيقولينا إبرَاهيم زكريَا في كتاب مشكل الفلسفة :" الفلسفة هي تلك العملية التساؤلية التي نحاور فيها أنفسنا و نتحَاور معَ الآخرين و العالم" و هادي هي المقولة اللي نبغي نختم بها، حيت مللّي يبدَا الإنسان إتسائل و ميتقبلش الأمور ببساطة و مايبقاش إتلقى المعرفة بلا مايخدّم عقلو تتكُون هديك هي بداية الفلسفة.
نتلاقاو فشي موضوع آخر إلى كْتاب ..
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

background_img